السلام عليكم
قال تعالى - فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ،
لقد تزينت الدنيا ، واتخذت أبهى حللها ، وأجمل ملابسها ، حتى خطب ودها ، ورام ببهجتها كثير من الناس ،
فتسابقوا في ميدانها الفسيح ، وتنافسوا لأجلها ، فكم غرتهم زهرة الحياة الدنيا وزينتها وبهجتها ، فنسوا حياة
القبور ، ويوم البعث والنشور ، انساق كثير من الناس وراء مغريات الحياة الفانية ، وربما غفلوا تماماً عن
الآخرة ، عن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ - إِنَّ الدُّنْيَا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا ، فَنَاظِرٌ
كَيْفَ تَعْمَلُونَ ، أَلَا فَاتَّقُوا الدُّنْيَا ، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ -
، فاحذروا الدنيا فإن متاعها زائل ، وزينتها إلى خراب ، وعمارها إلى دمار ، ومن ركن إليها ورضيها وطناً دون
الآخرة فقد خسر خسراناً مبيناً ، وزاد همه وغمه ، وقَالَ صلى الله عليه وسلم - مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ ، فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا
كُتِبَ لَهُ ، وَمَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ ، جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ -
، فالدنيا غدارة ماكرة ، حقيرة فانية ، زهرة بالية ، خيرها إلى زوال ، ومالها إلى ميراث ، وتعبها إلى عناء ،
أما الآخرة ، فخيرها دائم ، ونعيمها لا ينقطع ، ولذتها مستمرة ، لا تزول ولا تحول ، فشمورا سواعدكم إلى جنة
عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ، ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله الجنة ، فتنافسوا في ميدان
الجنان ، فهي محفوفة بالمكاره ، لا يصلها إلا ذو همة عالية ، وإياكم أن تغتروا بالدنيا ، وتركنوا إليها ،
قال أَبَو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه - قُلْنَا يَا رَسُولَ الله - حَدِّثْنَا عَنِ الْجَنَّةِ مَا بِنَاؤُهَا ؟ قَالَ - لَبِنَةُ ذَهَبٍ وَلَبِنَةُ فِضَّةٍ ،
وَمِلَاطُهَا الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ ، وَحَصْبَاؤُهَا اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ ، وَتُرَابُهَا الزَّعْفَرَانُ ، مَنْ يَدْخُلُهَا يَنْعَمُ وَلَا يَبْأَسُ ، وَيَخْلُدُ وَلَا
يَمُوتُ ، ولَا تَبْلَى ثِيَابُهُ
قَالَ صلى الله عليه وسلم - قَارِبُوا وَسَدِّدُوا ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلِهِ ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ 0 وَلَا أَنْتَ ، قَالَ - وَلَا
أَنَا ، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ
قال تعالى - كل من عليها فان -، ويقول سبحانه - كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون
قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ -مَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ هَمَّهُ ، جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ ، وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ ،
وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ ، جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ
الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اله عليه وسلم - الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ ، وَجَنَّةُ الْكَافِرِ
ولقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ - كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ 0 ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ
يَقُولُ - إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ ، وَمِنْ حَيَاتِكَ
لِمَوْتِكَ
واعلموا أن رسول االله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم خرج من الدنيا ولمْ يشْبعْ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ-
،فازهدوا في الدنيا ، واعملوا لدار الآخرة ، فهناك القرار ، ودار الأبرار ، فطوبى ثم طوبى لمن كان من أهلها ،
وويل ثم ويل لمن كانت جهنم قراره ، وسكنه واستقراره
واليكم هذه الابيات عسى الله ان ينفع بها
لا تأسفن على الدنيا وما فيها *** فالموت لا شك يفنينا ويفنيها
واعمل لدار يكن رضوان خازنها *** والجار أحمد والرحمن عاليها
أرض لها ذهب والمسك طينتها *** والزعفران حشيش نابت فيها
أنهارها لبن محض ومن عسل *** والخمر يجري رحيقا في مجاريها
والطير تجري على الأغصان عاكفة *** تسبح الله جهرا في مغانيها
أحمد دلالها والرب بائعها *** وجبريل ينادي في نواحيها
من يشتري الدار في الفردوس يغمرها *** بركعة في ظلام الليل يحييها
أين الملوك التي عن حظها غفلت *** حتى سقاهم بكأس الموت ساقيها
أفنى القرون وأفنى كل ذي عمر *** كذلك الموت يفني كل ما فيها
والموت أحدق بالدنيا وزخرفها *** والناس في غفلة عن ترك ما فيها
لو أنها عقلت ماذا يراد بها *** ما طاب عيش لها يوما ويلهيها
تلهو وتأمل آمالا تسر بها *** شريعة الموت تطوينا وتطويها
والله لو قنعت نفس بما رزقت *** من المعيشة إلا كان يكفيها
والله والله أيمانا مكررة *** ثلاثة من يمين بعد ثانيها
لو أن صخرة صما ململمة *** في البحر راسية ملس نواحيها
رزقا لعبد يراه الله لانفلقت *** حتى تؤدي إليه كل ما فيها
أو كان تحت طباق السبع مسلكها *** لسهل الله في المرقى مراقيها
حتى ينال الذي في اللوح خط له *** فإن أتته وإلا سوف يأتيها
أموالنا لذوي الميراث نجمعها *** ودورنا لخراب الدهر نبنيها
تلك المنازل في الآفاق خاوية *** أضحت خرابا وذاق الموت بانيها
والسلام عليكم